Monday, August 3, 2015

الحال على الحديدة في شارع السبتيه

شارع السبتية.. «الحال على الحديدة» 
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 07 - 2015

تجار الحديد والخردة يشتكون الكساد.. والعمال يغيرون المهنة 
صاحب ورشة: عاملان فقط من تبقوا من جملة 48 «صنايعى»
تغيرات كثيرة طرأت على شارع السبتية فى حى بولاق أبوالعلا، لم يعد هذا الشارع مكدسا بالخردة من حديد ونحاس وألمونيوم وغيرها من المعادن والمواسير، وخفت أصوات ضجيج الطرقات المتتالية على أجزاء الحديد، حتى يتمكنوا من فصل مكوناتها، «والحال بقى على الحديدة»، على حد قول التجار والصنايعية، لم يتبقَ فى المنطقة رائحة غبار المعادن التى عرفت بها المنطقة منذ عشرات السنين، لتؤكد أن جمهورية إعادة تدوير المعادن لاتزال حاضرة، رغم التحديات الاقتصادية والأمنية التى تعرض لها التجار والعاملون منذ نحو 10 سنوات.
محمود محمد، «حداد فى شارع السبتية»، يشتكى الحال بعد الكساد الذى أصاب السوق، وارتفاع سعر الحديد، وارتفاع تكلفة النقل بسبب أزمة البنزين الأخيرة، مما أدى إلى قلة الزبائن، يتذكر مشهد تكدس الشارع بالمعادن والخردة منذ عدة سنوات، وصخب حركة النقل الثقيل، وشكوى السكان من قلة النوم، وصعوبة حركة المرور، قائلا: «هذا الشارع كان يمثل وزارة صناعة مصر».
ويضيف محمد، أن «توقف حركة هذا الشارع يعد نذير شؤم على تراجع الاقتصاد القومى من وجهة نظره، ويدل على عدم واقعية ما تذكره وسائل الإعلام عن تحسن الأوضاع الاقتصادية»، قائلا:«كل حاجه غليت، والحديد أسعاره بقت نار، وبنضطر نزود السعر على الزبون عشان نعرف نعيش».
يوضح محمد، أن عدد العمال فى المحل كان من 20 إلى 30 «صنايعى» منذ عدة سنوات، الآن تقلصوا إلى اثنين، قائلا: «بنستنى الزبون كتير، ولما يجيى واحد ولا اثنين فى الأسبوع بنحمد ربنا»، مضيفا «مع إن زمان محدش كان يعرف يخط رجله فى السبتية من كتر الشغل».
يحكى محمد عن وقت انتعاش سوق السبتية، قائلا:«حالنا كان فى تراجع منذ عشر سنوات، لكن انتعش شغلنا بعد ثورة 25 يناير نسبيا، لما كان الزبون يأتى خصيصا إلينا لكى نفصل له بابا، أو شباك حديد، لأن كله كان خايف على نفسه، وبيأمن بيته ومكان عمله، حتى إن بعضهم كان يشيل الألوميتال ويضع شبابيك حديد، لكن الكساد الآن شمل كل شىء».
شارع السبيتة عرف بدقة ومهارة تجار الحديد والخردة والحدادة، وكان المستهلكون يقصدون هذا الشارع بسبب انخفاض السعر نسبيا عن باقى الأماكن، يشرح محمد طبيعة عمله، قائلا: «بنشترى الحديد بالكيلو من تجار سوق العصر، ونأخذ مقاس الباب أو الشباك اللى طالبه الزبون، وبنفصل المقاس اللى عايزه».
وعلى بعد خطوات منه، كان سيد عوض أقدم تاجر فى مجال الخردة بالمنطقة، يجلس داخل محله أولاد شكر، حكى ل«الشروق» عن الورش التى أغلقت أبوابها منذ سنتين، بسبب قله العمل، والصنايعية الذين هربوا بسبب قلة الرزق وصعوبة الفرز اليومى للمعادن، «الشغلانة صعبة ومبقتش تكسب عيش دلوقت، مع إن نفس الشغلانة دى كانت بتكسب دهب زمان».
ويضيف عوض، تاجر خردة، أن وقت ازدهار تجارة الحديد كانت فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات وقت الانفتاح، وانعكس هذا على حال التجار، مشيرا إلى أنه قبل عام 2004 كان سعر كيلو الحديد 2.5 جنيه، نظرا لوجود رقابة، وبعد احتكار رجل الأعمال أحمد عز للحديد فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ارتفع السعر ما بين 8 و9 جنيهات، مما أثر بالسلب على مكسب التجار.
ويشير عوض. إلى أن عدد العمال الذين كانوا يعملون فى المحل 48 «صنايعى»، وبسبب قلة العمل لم يعد يستطيع أن يدفع الأجرة إلا لعاملين فقط، مما ترتب عليه «أنه كله مشى»، وتمنى عوض من السيسى أن ينظر بعين الرأفة لحال التجار».
يجلس أحد تجار خردة الحديد، أحمد كساب، يرتكز على العكاز وأمامه الشيشة يراقب العامل الوحيد لديه على باب ورشته، يقول «اللى معاه فلوس هو اللى شغال»، بسبب تراجع الكميات المتاحة من الخردة منذ الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير، وما شهدته البلاد من اضطرابات سياسية وأمنية واقتصادية، بالإضافة إلى تقلص عدد السريحة الذين يجلبون البضائع إلى سوق الخردة إلى نحو النصف، ومعها انخفضت كمية الخردة الموردة للتجار.
وأوضح أن «حركة البيع والشراء تراجعت بشكل كبير، بسبب ارتفاع سعر النقل بعد أزمة البنزين الأخيرة، ويمسك قطعة خردة قائلا كان زمان اللى معاه خردة كأنه معاه فلوس سايلة بالضبط».
قال محمد مجدى، عامل من عمال الفرز فى مجال الخردة، إن «عمله يشمل فصل مكونات الخردة من النحاس والحديد وغيرها من المعادن، ثم يقوم صاحب العمل ببيعها لمصانع الحديد». قائلا «أجرتنا يومية حسب كم الفرز الذى نفرزه، والرزق قليل لا يكفى قيمة إيجار السكن الذى أدفعه شهريا»، مضيفا «ليس لدينا تأمين صحى أو معاشات أو نقابة تدافع عنا».
وأضاف محمد نصر، عامل فرز، أنه منذ طفولته لم يجد سوى هذا العمل، قائلا «الشغلانة صعبة جدا، وصحتنا متبهدلة بسببها وبقيت أصرف جزءا كبيرا من مرتبى على الدكاترة».
ويضيف «البلد حالها واقف، والصنايعى أكتر واحد متضرر فى البلد دى، ومش لاقى ياكل ولا حد حاسس بيه»، مضيفا أن «وسائل الإعلام تنشر أخبارا عن تحسن الأوضاع الاقتصادية من واقع مؤتمرات وكلام للمسئولين، ولكن الحقيقية كل الصنايعة تعبانين». 

0 comments: