Monday, August 3, 2015

دراسة عن الفوسفات الغارق في النيل

دراسة علمية: الفوسفات الغارق فى نيل قنا يحتوى على عناصر ثقيلة سامة

نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 05 - 2015

• القزاز: ما حدث كارثة بيئية وعلى «الصحة» إجراء تحليل كامل للصخر وانتشاله 
• خالد: يجب تفادى تناول الأسماك النيلية حاليًا لأنها ستكون ملوثة
• محطات المياه فى مصر غير مؤهلة لمعالجة العناصر الثقيلة
بعد أزمة غرق صندل يحمل نحو 500 طن من صخر الفوسفات الخام فى مياه النيل فى قنا، طمأن المسئولون بوزارة الصحة، المواطنين على سلامة مياه الشرب بعرض نتائج تحليل نسبة الفوسفات فى المياه، لكن الشائعات ظلت تطارد الوزارة حول سلامة مياه الشرب، بعدما غابت التقارير الأخرى التى توضح مكونات صخر الفوسفات (الكالسيوم) عن المواطنين.. «الشروق» حققت فى الأمر، وحصلت على التحاليل الجيوكيميائية لرواسب صخور الفوسفات لوادى النيل، والتى تعد الأقرب للصخر الذى غرق فى النيل، وأثبتت أن الصخر يحتوى على 20% من معدن الفوسفات (أباتيد)، والباقى شوائب وعناصر ثقيلة ومشعة، أخطرها الزنك والرصاص والكادميوم واليورانيوم، والتى تجاهلت الصحة ذكرها فى نتائج التحاليل.
الدراسة أجراها أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان الدكتور مصطفى عبدالجواد، فى معامل بجامعة برلينبألمانيا، وجاء فيها أن الفوسفات الصخرى فى وادى النيل، الذين يتواجد فى قنا حتى إدفو، لا يتكون فقط من الفوسفات صعب الذوبان فى المياه، وانما يوجد به شوائب منها أكاسيد الحديد والصوديوم والماغنسيوم والمنجنيز والألومنيوم، بالإضافة إلى العناصر الفلزية الثقيلة السامة، والتى تتواجد فى التركيب الداخلى لمعدن الفوسفات ومن أخطرها عنصر الكادميوم، ومتوسط نسبة وجوده فى الخام 5 جرامات لكل طن تقريبا، وعنصر اليورانيوم ومتوسط نسبه تواجده 63 جرام لكل طن، وعنصر الزنك ومتوسط نسبه تواجده 173 جراما لكل طن.
وأثبتت الدراسة التى تمت خلال تسعينيات القرن الماضى، ضمن مشروع ألمانى حول جيولوجيا منطقة شمال أفريقيا أن متوسط مجموع العناصر الثقيلة السامة فى معدن الفوسفات كانت 249 جراما لكل طن. وبناء عليه يقول أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان الدكتور يحيى القزاز ل«الشروق»، إن هذا يعنى أن نسبة العناصر السامة فى ال500 طن التى غرقت بلغت 125 كيلوجراما، وكمية عنصر اليورانيوم تبلغ بشكل تقديرى 31 كيلوجراما.
وطالب القزاز وزارة الصحة بإجراء تحليل كامل للصخر الذى غرق باستخدام الكميات التى تم انتشالها، للوصول إلى نتائج أكثر دقة حول العناصر السامة التى وصلت إلى النيل، ملمحا إلى أن العناصر الثقيلة المشعة لا تمثل مشكلة كبيرة وتأثيرها ضعيف لأنها موجودة فى التركيب الداخلى لمعدن الفوسفات، صعب الذوبان فى المياه، قائلا: «الدولة الوحيدة التى استطاعت استخراج اليورانيوم من الفوسفات هى إسرائيل لأنها تحتاج إلى تقنية عالية، إنما المشكلة تكمن فى عناصر أكاسيد الحديد والرصاص وغيرها الموجودة فى صخر الفوسفات فمن الممكن أن يكون لها تأثير على الأحياء البحرية والمياه غير أن خطورتها قليلة لأنها تواجدت فى مياه متحركة وذات مساحة كبيرة، مستدركا: «على وزارة الصحة ومركز السموم مسئولية إجراء تحليل دقيق عن هذه العناصر» .
وكانت وزارة الصحة، قد أعلنت أن تحاليل عينات الماء أثبتت أن نسبة الفوسفات فى المنطقة التى غرق فيها المركب لا تتعدى النسبة العالمية وهى 1.95 ملى جرام لكل لتر.
وحول ما ذكره وزير البيئة عن فائدة الفوسفات لجسم الإنسان، قال القزاز ما حدث كارثة بيئية لا ينبغى التقليل منها، أو تبرير ما حدث.
وعن صخر الفوسفات الغارق فى النيل، يقول الباحث فى قسم الهندسة البيئية بجامعة آيسن الألمانية الدكتور كريم خالد، إن ملح الفوسفات بصورته الخام الذى كان على الصندل من منطقة المحاميد والسباعيات، عبارة عن ملح لا يذوب فى المياه، إلا تحت ظروف معينة من الحرارة ومن درجة الحموضة وخلافه، وهذا يقلل خطورته المباشرة، مستدركا: «لكنه سيتواجد فى المياه على صورة جزيئات عالقة فى المياه أغلبها سيترسب فى قاع النهر مباشرة، والجزيئات الدقيقة سوف تنتقل بجريان النهر حتى تتجمع وتترسب فى الدلتا حيث الملتقى العام لملوثات النيل كلها، وذلك فى فترة أقصاها أسبوع من تاريخ غرق الصندل».
وتتمثل الأضرار وفقا لخالد فى: «عوالق فوسفات الكالسيوم التى سيتغذى عليها الأسماك، وسمك البلطى والقراميط التى تتحمل السموم والعناصر الثقيلة وتتراكم فى لحومها، لذلك يفضل الابتعاد عن أكلها خلال هذه الفترة، كما أن شوائب الفوسفات الذائبة فى المياه سيتغذى عليها الطحالب فى النيل حيث تستهلك الأكسجين الذائب فى المياه، مما سيؤثر سلبا على الأحياء المائية بها حيث تنتج الطحالب مواد سامة مباشرة تنتقل إلى مياه الشرب والزراعة، كما أن صخر فوسفات الكالسيوم يحتوى على شوائب المعادن الثقيلة، والمشكلة تكمن فى أن محطات معالجة مياه الشرب فى مصر لا تعالجها».
ودعا خالد، الحكومة لتشكيل لجنة ادارة للأزمة من وزارات الرى والبيئة والزراعة والشركة القابضة للمياه لإزالة الصخر من المياه وكل الرواسب قدر المستطاع من المنطقة التى غرقت فيها المركب، وإقامة أحواض تضم نباتات لديها القدرة على امتصاص ملوثات الفوسفات والمعادن الثقيلة.
وحذر خالد الذى اشترك فى مشروع الجامعة الأمريكية لدراسة مياه الشرب فى دار السلام، من زيادة نسبة الكلور فى محطات المياه بشكل عشوائى، مؤكدا أن هذا يجب أن يتم بناء على تحاليل دقيقة، بالنسبة للأزمة الأخيرة للفوسفات الغارق، لأن كثرة الكلور قد تؤذى صحة المصريين، قائلا: «لابد أن يدار هذا الموضوع بشكل علمى عبر وضع نموذج لجودة مياه الشرب».
 

0 comments: