Sunday, September 28, 2008

عزبة بخيت




احنا هنا في عزبة بخيت قالتها أم هاشم وهي تصعد أمامي الهضبة ، كم كان الصعود مرهقا كنت اصعد بصعوبة بالغة واسند يدي على الحائط بجانبي حتى لا أقع خاصة أن الارض الضخرية غير ممهدة ، عرضت على السيدة المساعدة الا أنني رفضت بعدما وجدت أمامي أطفالا صغارا لا يصلون لمستوى وسطي يقفزون بكل ثقة زي القرود وهم يصعدون نفس الهضبة






فجأة لمع في ذهني اسم عزبة بخيت فتذكرت ما قرأته عنها في صفحات الحوادث حيث ارتبط الاسم بالبلطجة والمخدرات ،فتملكني الخوف قليلا ولكن لم يكن هناك مجال للتراجع وقلت لنفسي العمر واحد والرب واحد وقررت استمر في الصعود بعدما القيت نظرة مطمئنة الى المصور الصحفي أستاذ سيد الذي كان بصحبتي وهو يعمل معنا في جريدة الشروق





الاهالي هنا مصرون على أن نعتلي الجبل معهم لنرى بأنفسنا ونسمع عن حكايات تتشابه مع حكايات ألف ليلة وليلة ،


الوجوه السمراء تحدق فينا لأننا غرباء وعلمت أن لا مكان هنا للغرباء ولكن طالما معنا أم هاشم وزوجها فليس هناك خطرا هذا ما فهمته ،شيئ غريب شعرت به عند دخولي هذا المكان فهو يبدو للوهلة الاولي مكان سياحي من الدرجة الاولي يذكرني باللقطات التليفزيونية عن البيوت في لبنان ولكن مناظر القمامة المتراكمة وكثرة الزباب وتواضع البيوت الخشبية والصرف الصحي العشوائي تجعلك تلغي فكرة السياحي هذه من دماغك






لا وجود للحكومة هنا ،وسرعان ما تذكرت كلمة الفنان أحمد السقا " النهاردة مفيش حكومة أنا الحكومة" في فيلم الجزيرة الرائع ، فالخدمات مسئولية الاهالي والمياة هي أكبر عذاب يواجهه سكان عزبة بخيت فجركن المياة يباع هنا مرة بجنية ومرة بجنية ونصف وساعات باتنين جنيه حسب تحكم البلطجية هذا ما يؤكده الاهالي هنا مع العلم انهم يحتاجون من 3 الى 4 جراكن في اليوم على الاقل






مشاهد انهيارات الصخور حولي تهدد بكارثة والاهالي يعلمون أن الكارثة ستقع ستقع ولكن ما باليد حيلة فمهندسو حي منشية ناصر حسب كلام الاهالي يطلبون منهم رشوة خمسة الآف جنية لكي يصدر قرار ازالة لمساكنهم ويعيد تسكينهم في مساكن النهضة الجديد



الان وصلت الى أعلى قمة يسكن فيها الاهالي تحديدا في شارع الصدفي التلتات حيث تفاجئ بالمياة السوداءأو الصرف الصحي تتدفق من أعلى الجبل وقد تناثر بعض الرزاز على وجهي بسبب قوة اندفاع الهواء في المكان المرتفع فلم أشأ أن أظهر امتعاضا بشكل يثير حساسيتهم، والشيئ الغريب أن الاهالي يعلمون أن الصرف الصحي هو السبب الرئيسي لتشقق الصخور وانهياراتها ، ولكنهم فقراء العين بصيرة واليد قصيرة0



واقتربت من حافة الهضبة وهنا حيث أقف اكاد افقد توازني سقط أطفال كثيرون استيقظ الاهالي على صراخهم وتحطم اجسامهم الصغيرة أسفل الهضبة ، وعلى يميني انقاض منزل سقطت الصخور فوق رؤس اصحابها حيث شاءالقدر ألا يستيقظوا ابد من سباتهم ،وعلى شمالي مكان تمزقت فيه ملابس فتيات بلا حساب تحت ايدى ذئاب بشرية لا تعرف الرحمة 0


انتابني خوف شديد ولكن الاهالي اكدوا لي اننا مازلنا في النهار وأن ظلمة الليل سبب كل بلوى هنا حيث تكسوا المنطقة ظلمات من فوقها ظلمات فالبلطجية يقتحمون البيوت الهشة للسرقة ويهددون كل من يقف أمامهم بالمطاوي والسنج


في الليل أيضا تكثر الغرز وتنتشر روائح الحشيش ، لا أحد يستطيع أن يقف أمامهم فرغم أن الشباب الصالح هنا كثيرون الا أن سلطة البلطجية وتجار المخدارات أقوى فالمعادلة هنا أن البلطجية تغلب الكترة وان كانت شجاعة




تسلل الى أنفى فجأة رائحة حريق فقالت لي أم هاشم وهي تشير الى تل من القمامة انها ابخرة فقط ، فالشيئ الوحيد الذي نجح فيه الاهالي هنا هو الاستعانة ببعض أفراد فريق الاطفاء حينما تشتعل النيران والتي تشتعل كثيرا بالمناسبة بسبب تراكم القمامة والمخلفات


وحينما قررت المغادرة شدني طفل يقترب عمره من الثامني سنوات جذب ملابسي بقوة بيديه بشكل لا يتناسب مع سنه الصغير وسألني هل ستزورينا مرة أخرى؟ فقلت له ربما، ثم قال لي "أنا بكره الجبل " اقتربت منه وسألته بدوري لماذا تكرهه؟ قال لي "لأنه معفن ومقرف" وتابع" أنا عايز أعيش في مكان تاني بس معناش فلوس عايز اسكن في مكان بعيد قوي عن هنا هل ستساعدينا؟ " وجهت نظري اليه في أسف وابتسمت في حزن وودعته وأنا أسأل نفسي بدوري هل استطيع فعلا مساعدته ؟
الرسالة الثالثة من الدويقة داليا العقاد






Wednesday, September 17, 2008

دردشة أمنية


قمت بزيارة الدويقة للمرة الثانية وتسللت أيضا بنجاح فقد تعمدت أن أسير بجانب سيدة من أهل المنطقة ودخلت معها في نقاش ودي كأني قريبة من قريباتها وكانت مدرسة بمدرسة خالد بن الوليد0.
فانتهزت الفرصةوسألتها عن احوال الكثافة الطلابية بالمدرسة فقالت يوجد 70 طالب في الفصل الواحد ثم تنهدت "لا اعتقد ان هذا العام سيشهد نفس الكثافة" والسبب حسب توقعها فقد مات عدد كبير من التلاميذ تحت صخور المقطم0.

ومع ذلك فقد علمت من مصادري المقربة أن هذه المدرسة أبلغت مديرية التربية والتعليم أن هناك 25 تلميذا فقط ماتوا من تلاميذ المدرسة في الحادثة الاليمة0

وهو الرقم الذي سخر منه مدير أحدى المدارس في الدويقة وقال "لي هذه تخمينات لأن العام الدراسي سيبدأ يوم السبت القادم ، ومعظم التلاميذ قد لا يحضرون من أول يوم لظروف رمضانية0". .

المهم ودعت السيدة وقررت أن استطلع الاخبار من الاهالي حول الكارثة وبعد ستمائة متر وجدت سيدة سنها يقترب من الخمسين جالسة على الارض تركز بصرها الى السماء كأنها تناجي ربها فتوجهت اليها، وبعد السلام بادرتها بالقول :لماذا تجلسين يا أمي هكذا؟ قالت أحاول أن أعرف مصير السكن الذي أعيش فيه بالجبل هل ستهده الحكومة وهل سنحصل على سكن آخر بديل أم لا ، ومن الطريف فان السيدة كانت هي الاخرى تحاول أن تستطلع الاخبار مني ، وكنت حائرة لا أعلم ماذا اجيبها فالمفروض أن هذه الاخبار عند المسئولين بحي المنشية ،قلت لها هل ذهبت الى الحي ،ردت لا أحد يسمح بدخولنا هناك ولذلك أنا جالسة هنا في انتظار الاخبار0


اشفقت عليها نظرا لأن الجو كان شديد الحرارة والشمس في كبد السماء والحلق جاف ، بدأ العرق يتصبب منى ولم أرد ان استخدم نظارتي الواقية من الشمس حتى لا يلتفت لي أحد ، فالناس هنا لا تسمح لهم معيشتهم بأي نوع من الترفيه ،فعليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في السير لمسافات طويلة وعليهم أن يوفروا كل الخدمات من صرف ومياة وصحة و كل شيئ




التفتت الى السيدة وسألتني من انت قلت لها اناصحفية ففرحت جدا واستمرت تحكي لي عن مشاكلها وانتهزت الفرصة وطلبت منها ان تسمح لي بتسجيل ما تقول على هاتفي المحمول حتى لا يأخذ أحد باله مني وتفشل محاولة تسللي0

وفجأة وجدت رجلين يرتدين ملابس مدنية لا أعلم من أين ظهروا كأنهم ولدوا من العدم وقالوا لي بنفس النص "تعالي الباشا عايزك" حاولت أن أبدو متماسكة أمامهم وقلت في حزم "باشا مين" وطبعا ركبي كانت بتخبط في بعضها لأن الباشا في عرف هؤلاء الناس هو رجل المباحث0

طبعا مشيت معهم حتى وصلت عند الباشا ، فقال له الرجلين "وجدناها واقفة تتحدث مع الاهالي وكانت بتسجل بموبايلها كمان ياباشا" فرديت بشجاعة احسد عليهاوانا أردد في سيري يا ستار استر " نعم كنت بمارس مهنتي وهذا هو كارنيهي "وطبعا كان معايا كارنية جريدة نهضة مصر واثناءتفحصه لكارنيهي قال لي :انت دخلتي ازاي ؟ قلت تسللت من وراء الامن ، وقال لي مفيش احاديث مع الاهالي فتعمدت أن أغيظه وقلت له أنا على العموم أخذت اللي أنا عايزاه ، وبادرت بالسؤال التالي لماذا تمنعونا من سؤال الاهالي مش كفاية منعنا من دخول منطقة التي تهدمت فيها الصخور على الاهالي0


قال "هذه تعليمات الامن وبعدين انت عايزه تعرفي ايه بالضبط ؟ قلت له كل شيئ اريد متابعة مآسي الاهالي هناك، رد على في فتور :أنت عارفه هنا الاهالي لا يظهر عليهم أي بوادر حزن على الاطلاق كأنهم لم يفقدوا اقاربهم كما ان بعضهم تعود على العيش في عشش "فالحكومة ساعدتهم واعطت لهم شقق ولكنهم تاني يوم باعوها ورجعوا سكنوا مرة أخرى في العشش عند الجبل يعني الحكومة حتعملهم أيه تاني! سألته في تحد هل تملك دليل على ما تقول، فاستدرك في حزم انت حتعملي معي تحقيق ولا أيه انا بقولك اللي شوفته وعرفته وخلاص




طبعا حاولت تهدئته حتى يمر اليوم بسلام واكمل شغلي فقلت له بابتسامة عريضة :معاذ الله حضرتك انت عارف ان مهنة الصحفي تحتم عليه أن يسأل ويتحقق، وبعدين أنا لما شفت حضرتك غيرت فكرتي تماما عن رجال المباحث ،فهدأ قليلا وربنا كان رحيم بي فلم يغتت على الرجل وقال لي :انت عارفة انا كنت ممكن أخرجك من هنا بس انا حسيبك بس لا تتكلمي مع احد من الاهالي وعدته وفعلا خذت ديلي في سناني وتركته وأنا مش مصدقه لأني قبلها بيوم حكت لي زميلتي في الشغل "ماجي" أن عربة البوكس أخذتها من هناك والقت بها خارج المنطقة في طريق الاوتوتستراد وكنت خائفة جدا ان الوضع يتكرر معايا والحمد لله اليوم عدى بسلام0




الرسالة الثانية من الدويقة......داليا العقاد (يتبع






Thursday, September 11, 2008

الموت مرتان




من وقعت عليه صخور جبل المقطم
ولم يمت في منزله القديم فهو معرض الآن للموت مرة ثانيه


والسبب أن جميع المنكوبين بمنطقة الدويقه صدر قرار من المحافظة بنقلهم أسفل الجبل مباشرا في مخيمات بمركز شباب منشأة ناصر.

هذا ما أكده سكان أهالي منطقة شارع الصدفى أعلى نادي منشأة ناصر في حديث ساخر معي فقد اقتادوني حتى أرى المشهد من أعلى وقالوا لي الصورة ستكون أوضح وأسهل بعيدا عن الامن .
ونجحت في خوض تجربة التسلل أعلى الهضبة رغم الرقابة الأمنية المشددة على مخيمات الإيواء التي لم تسمح بدخول أي شخص إليها حتى من أقارب المتضررين أنفسهم.


الاهالي أرشدوني الى أماكن الصخور المتشققة أعلى منطقة المخيمات نتيجة الصرف الصحي العشوائي وضربوا كف بكف مستهزئين بقرارات الحكومة الذكية التي لا تعطي لأي قيمة لفقراء سكان العشوائيات


داليا العقاد الرسالة الاولى للدويقة..................... يتبع.

Monday, September 8, 2008

محطة النسيان


اليوم فقط قررت أن أواجه رؤسائي في العمل أنني سأتركهم الى الابد .
كم كان القرار صعبا فهم جميعا بداية من رئيس التحرير حتى أصغر فتى في البوفيه رؤيتهم تملء قلبي بالراحة والسكن ، أربع سنوات فترة ليست بالقليلة ولا الهينة فقد تعودت عليهم وهم تعودوا على ، ربما قد أكون أخطأت يوما في حقهم ولكنهم كانوا يسامحوني ويغفروا لي ما قمت به من قول أو فعل 0

ربما كان بعض الزملاء دور في البحث عن سكن آخر بديل أو عمل آخر يلوذوني ولكنني سمحتهم ولا أبالي بما يقولون عني اذ رحلت بلا وداع غير أنني سأظل على تواصل معهم وربما سأكون دائما أول المهنئين لهم في الاعياد وأول المتضامنين معهم في الاحزان 0

لا يحزنني سوى فراق أساتذتي الذين علموني ووقفوا بجانبي وأعطوني ثقة كبيرة في نفسي ربما قد لا استحقها كانوا خير سند لي في أوقات الشدة وطلب النصيحة ، أعتمدوا على في العمل ونجحوا في اكسابي المهارة عن جد أعطوني مهمة الاشراف على صفحة إحنا التلامذة وتقديمها مرتين فى الشهر لتصدر وترى النور يوم الثلاثاء ولولاهم ما كانت هذه المدونة فقد جاءت فكرتها بعد أن اقترح رئيس التحرير أن يزيل كل المقالات من الصفحات المتخصصة والتي كنا نحررها بأنفسنا فقررت أن أنقل عنوان مقالى دقي ياساعة الجامعة الى مدونة تتحدث عن التعليم في المدارس والجامعات ولكي تعبر عني شخصيا عن أحلامي وأوجاعي وتكون متنفسى الوحيد بعد أن ضاق الوقت بي ولم أعد أجد الوقت مع الاصحاب والاهل0

حينما تحدثت مع أحد رؤسائي وهو بالمناسبة صاحب الفضل في عملي بالجريدة في وقت كنت تخرجت في كلية الاعلام جامعة القاهرة لأكتشف ان مجموعي في الثانوية العامة أو حتى تفوقى في الكلية بشكل عملي أو نظري ليس مؤهل لأي شخص للعمل ولكن دائما هناك الواسطة وهناك أمور أخرى تعرفها البنات ، مد يده الى وشجعني ولم يؤذيني يوما ودافع عني وتحمل أخطائي وسوء تقديري للامور بروية وحكمة وصبر أحسده عليه0


حين حدثته عن فراقي للعمل كان حزينا وحاول أن يبتسم في وجهي كالعادة ولكن الابتسامة جاءت على غير رغبة منه في الابتسام ،أحرقني حزنه ودمع قلبي من أجله ، سكت برهة حاولت أن أعبر عن مكنون صدري تجاهه وعن التقدير

والاحترام فجاءت كلماتي رسمية أكثر من اللازم دبلوماسية أكثر من المطلوب0
أمور يعرفها تجعلني أبعد عن الجريدة يكفي ما أصبت من ألم أريد أن أبعد قدر المستطاع ولم يكن ربي بخيلا معي في التوصل الى عمل آخر أفضل من الناحية العملية والتكنولوجية صحيح أن الجريدة التي التحقت بها وتسمى الشروق ما زالت في خطواتها الاولى في الاعداد الزيرو ولكن صاحبها ابراهيم المعلم يسعى الى النجاح بكل قوة يشق طريقة في وقت أصبحت فيها الجرائد في كل مكان على كل لون 0
حاول أستاذي أن يقنعني بعدم ترك الجريدة والعمل بها بجانب العمل الاخر على اعتبار أن الصحافة هي المهة التى قد يعمل فيها الصحفي في عشرات الامكنة دون أن يفقد مهارته في الكتابة أو الاتصال بالمصادر ، ولكنني قلت له أن عملي الجديد يتطلب التفرغ وأنا مصممة على التميز حتى أثبت له أنه أدى واجبه نحوي على أكمل وجه ، ولكنني أخاف أن يكون اللقاء الاخير الذي ضمني مع أستاذي بداية لفجوة أنسانية أخشى أن تصل الى مداها فتتوقف العلاقة بين أستاذ وتلميذته في محطة النسيان

Sunday, September 7, 2008

عندما ينهار جدار الحب


الماضي يذكرنى دوما بلحظات غائبة

كنت أحيا فيها بذكريات موجعة

أحسبها بقعة سوداء في سماء صافية

أو زهرة قبيحة بين الزهور اليانعة

........

حاولت نسيانها بين طيات الساعات الماضية

..............

لكن كيف أسلاها وهي تأتي طواعية

مع كل قطرة دمع أو في الليالي الخالية

لقد شاركت في بناء اللحظات القاسية

عندما لاح في أفقي ومضات الحب الكامنة

....

كانت روحى تهفو لظلال قلب حانية

فتحولت الظلال الى أشباح ووحوش ضارية

واسفاه فقد انهار حبي دفعة واحدة