Thursday, May 17, 2012

أشباح خلف النافذة*





وحدها ظلت في حجرتها المظلمة ترقب أشعة الضوء المنعكسة خلف النافذة المطلة على الشارع، خطوط وخيالات بيضاء تتحرك سريعا أعلى سقف حجرتها كلما مرت سيارة، وأحيانا تمضى ببطء يصاحبها خيال لشخص ما يمر من تحت نافذتها، كثرة التأمل في تلك الخيالات جعلها تدرك حقيقتها، من السهل أن تعرف اتجاه سير من يمرون تحتها دون أن تنظر من وراء النافذة.

ترى أهدابا طويلة تتحرك دوما ذات اليمين وذات اليسار قد تبدوا كأنها أشباح تريد أن تدخل من خلال خيوط النور داخل الحجرة، تبتسم في ثقة لعلمها أن تلك الظلال هي الأوراق الخضراء التى تحملها الشجرة التي ظلت ترافقها منذ الطفولة، كانت تحب الشجرة خاصة عندما تلقى ورود حمراء أمام ستارة النافذة، لكن اختها كانت تكرهها لأنها تلوث سريرها النظيف، دوما ما كان يتشاجران من أجل تلك الشجرة ...هي تعشق النافذة المفتوحة وترحب بضوء الشمس الذي يغطي مستطيل كبير من أرض حجرتها بينما أختها كانت تغلقها دوما بعد شجار عنيف.

أعلى السقف تعودت أن ترى أشباح أصبحوا يسلونها يلعبون معها لعبة القط والفأر، لكنها لم تأمن مكرهم أبدا، كانت تشعر أنهم يدورون حولها ينتظرون أن تغفل لينقضوا عليها، يلعبون بخطوط النور كما يلعب الهواة مع النار، يشكلون أشكالا مخيفة أعلى السقف، كانت تكرههم مثلما تكره الغموض، لا يهدأ لها بال حتى تحلل ما لديها من معطيات وتصل إلى حل يقنعها ويريح ضميرها.

لن تضيء أنوار الحجرة الآن...يكفيها أصدقائها من ظلال النور، تعلم انها لن تتخذ أى خطوة إلا بعد أن تتشاور مع عقلها... لن تسمح لأى شبح أن يأخذها بعيدا عن حجرتها..تشعر بالاستقرار وأنها لن تستطيع أن تستغني عن سريرها، حتى أسألوا السرير الخالي المقابل لسريرها منذ أن غادرته أختها...كانت تسمعه يئن يتوجع ويبكي طوال الليل بصوت واضح.

الأحلام التى تداعبها مع نسمات الهواء المنعش ليلا كانت تتفوق على تلك الأشباح أهدابها الناعسة كانت تطردهم وبمجرد أن تغلق عينيها وتردد أذكار المساء كانت الأشباح تختفى وتتبدل الخيالات بجنان يانعة وعصافير طائرة وبحور عميقة وملائكة.
 مبتسمة راضية.

*خواطر هربت منها من الوقع المؤلم.. كما أصبحت أهرب من المظاهرات وميدان التحرير وكل الميادين... حقيقة كم أحسد من ظل على عهده مع الميدان كم أحسد صبرهم وتضحياتهم ...مع تحيات ثورجية انضمت حديثا إلى حزب الكنبة