Sunday, December 4, 2011

ما الذي حدث في شارع محمد محمود؟



تصوير-داليا العقاد

حتى لا ننسى، ومن أجل عيون فقدت، وأرواح زهقت، وتضامنا مع معتصمين ميدان التحرير..وردا على أخي الحبيب زين.. وكل صديق مصري اضطرته ظروف عمله أن يغترب بعيد عن وطننا الحبيب فعجز عن تمييز الحقيقة، وكل من سألني  على تويتر عن الحقيقة..
أكتب شهادتي بعد عدة أسابيع من توقف الاشتباكات في محمد محمود بين المتظاهرين السلميين وقوات الشرطة، ما سأكتبه يعبر عن رؤية صحفية محايدة حاولت تقصي المعلومات قبل الكتابة عنها قدر استطاعتها.

أثناء تفجر ثورتنا البيضاء الثانية في 19 نوفمبر، عقب فض قوات من الشرطة العسكرية والمدنية لميدان التحرير، كان أخطر مكان في مصر هو شارع محمد محمود، كان يتم قنص عيون الصحفيين المصورين الذين ينقلون الحقيقة، ويفتك بكل ناشط لديه رغبة حقيقة في الدفاع عن الميدان باستخدام عنف غير مبرر به ولم نعهد به إلا في عهد نظام مبارك المخلوع.

بعد عدة أيام من المواجهات الدامية كنت أنا وزميلة الكفاح "أية آمان" قررنا أن نخوض تجربة التوغل في محمد محمود مهما كانت المخاطر.. كنت أفكر ساعتها أن أستمع إلى أهالي الشارع وسكان العقارات، ولأن الموضوع كان يشغل تفكيري لأيام فقد توجهنا على الفور إلى الميدان عقب انتهاء عملنا الرسمي في الشروق حتى إننا لم نهتم بأن نشترى كمامة واقية، ضحكنا يومها وقلنا أن الكمامات مغشوشة والإيشارب الذي نرديه كفيل بأن يحمينا بوضعه على أنوفنا في حالة إلقاء القنابل المسيلة للدموع من الشرطة.

تصوير داليا العقاد

بتوفيق من الله كان الشارع في هذا اليوم هادئا فيما عرف بمحاولات رجال من الأزهر لعمل حائط بشري لمنع المتظاهرين من دخول الشارع لمنع الاحتكاكات، وكانت هذه فرصة عظيمة منحها الله لنا لكي نسأل ونستفسر بهدوء عما حدث بل وتوفرت لي فرصة رائعة أن التقط صور من أعلى لم يستطع كثير من المصورين المحترفين أن يلتقطوها لعدم السماح لبعضهم لصعود أعلى العمارات ولخطورة الشارع.

صعدنا عقارين الأول العقار رقم 31 وتكبدنا مشقة كبيرة لصعودها بسبب رائحة الحريق الخانق، قبل الصعود تحدثنا مع صحاب صيدلة الدكتور هاني أسفل العقار، ثم صعدنا مع عامل في الصيدلية، وتحدثنا مع عامل في كافتيريا سيلنترو، وأثنين من مؤسسي حزب أنت مصري تحت التأسيس، وصاحب العقار نفسه.

 وحزنا بشدة بعد أن رأينا مكتبة "البلد" وجميع الكتب بها متفحمة، كانت ثروة معرفية ومادية لا تقدر بثمن، العقار الذى به المكتبه وأغلبه شركات ومكاتب كان يبدو مهجورا، وكان هناك جهاز تكيف مازال يعمل في الدور الثاني لم يجد صاحبه الوقت الكافي لإطفائه.

"ما لم تأكله النيران استولى عليه اللصوص، حتى زجاج النوافذ تم تكسيره بلا سبب معروف كأن هناك أشخاص أرادوا أن يشيعوا الرعب والخوف في كل مكان".

 وأكد لنا محمود العربي وكيل المؤسسي الحزب ما ردده عامل كافتيريا سيلنترو ، في مداهمه قوات الأمن المركزي للمقر قبل حرقه من مجهولين، وقال لنا أن الحزب كان مقرا لاجتماعات بعض القوى الثورية في ميدان التحرير، فضلا عن أن بعض القنوات الفضائية كانت تستخدم شرفاته في نقل ما يدور من معارك في محمد محمود.

 رأيت مع أية  أحد مصوري قناة الجزيرة في الشرفة المقابلة، وعلمنا أن أعضاء الحزب قدموا دعوة قضائية ضد وزارة الداخلية يتهمونها بتعمد حرق المقر الذى كان بتمويل ذاتي من الأعضاء المؤسسين للحزب".

 تصوير داليا العقاد

والعقار الثاني يحمل رقم 20 وبعد محاولات كبيرة اقنعنا البواب للصعود والتحدث إلى السكان، تحدثنا إلى مدام بسمة، وعلى السلم وقبل الصعود إليها أنا وأية كان سيغمى علينا من رائحة الغاز التي تملأ أرجاء العمارة، عيوننا بكت رغما عنا..وبصعوبة شديدة فتحنا عيوننا ووجدنا أسرة شجاعة وطفلتين في منتهي الذكاء استطاعوا التعامل مع الموقف مع خطورته.

أثناء الحديث معهم أذن لصلاة المغرب وحينما توضأت فوجئت أن جلد وجهي يحرقني بشدة ويداي، فقالوا لي إن هذا من تفاعل الغاز مع الماء، وبعد أول ركعة بدأت الاشتباكات العنيفة وكان صوتها يتردد داخل الشقة كأنها الحرب، قلبي كاد أن يتوقف من الرعب، خاصة بعد سماعي لقصصهم ورؤيتي لبقايا خرطوش في شرفتهم وآثار لقنبلة غاز قالوا أنها كادت أن تتسبب في حريق، قلت في سري لو مت فأنا على الأقل على سجادة الصلاة، وسأبعث على هذه الحالة فكملت صلاتي في هدوء.

 كان هذه تجربة يوم واحد في عمارة بشارع محمد محمود فما بال أسرة بسمة ووالدتها المسنة وابنتيها الصغيرتين قضت 144 ساعة من الرعب، بسبب اللصوص الذين استغلوا احتكاك المتظاهرين بقوات الداخلية وسرقوا محتويات بعض البيوت ليلا ثم أحرقوها حينما غادرها أهلها خوفا من تلك الأحداث، لم يكن أحد يسمع لاستغاثتهم، وقوات الجيش المتركزة عند تقاطع الشارع تكتفي بالقول " حاضر سيتم التعامل مع الهدف"

" أثناء الأحداث تم تكسير الباب الرئيسي للعقار واقتحم مجهولون العقار في غياب من اللجان الشعبية، وخلعوا زجاج الشبابيك ورموها من أعلى سطح العقار على الشرطة والمتظاهرين"، الكلام على لسان مدام بسمة، وتضيف وهي تلقي نظرة على خبر عاجل أذاعته قناة النيل للأخبار " شاهدت في الظلام بعض الغرباء كانوا يبيتون على سطح مدرسة الليسيه، ويلقون قنابل ملوتوف على المنازل وعلى الشرطة".

كان هناك تأثر واضح من متابعتهم للتليفزيون المصري، ومن السهل أن أدرك هذا، لأن سنوات عملي كصحفية تصل إلى 8 سنوات، وهذه خبرة في التعامل مع الناس لا يمكن تجاهلها.

أم بسمة حكت وأمامها منضدة عليها زجاجة خل وبيبسي عن احتراق شرفات بعض الشقق بسبب إلقاء قوات الشرطة قنابل مسيلة للدموع، " شوفنا نوع جديد وغريب لقنابل مسيلة للدموع تنفجر بعد أن يخرج الغاز منها"، وكانت معاناتهم مستمرة في الحصول على الطعام والمؤن، لصعوبة الخروج من المنزل في ذلك الوقت، "واللي عندها حاجة بتكمل جارتها اللي جنبها".

هدوء الأجواء يجعلنا نفكر من الذى سيجري تحقيقا عما حدث في هذا الشارع المنكوب، وهل ستكون الانتخابات كمن صوت وغطى على تلك الأحداث؟ أم أنها ستفزر برلمان قوي يطالب بحقنا وحق كل قطرة دم أريقت من هذا الشعب سنرى...


Friday, December 2, 2011

100 ألف صوت

تسعون عاما رأى الظلم والفساد والذل والسرقة، عمل ستة وأربعين سنة في وزارة النقل و المواصلات، ومعاشه حاليا 1300 جنيه، وبيصرف منهم على بنته وحفيده، أمله في الحياه أن يرى مبارك وهو بيتم إعدامة في ميدان التحرير، وأن يشكل الصندوق الانتخابي برلمان قوي...قصة الحاج محمد البيومي  تدفع كل واحد مننا أنه ينفض غبار الكسل ويذهب للصندوق وينتخب في المرحلة الثانية والثالثة مهما كانت العقبات... شباب سيدات ومسنين.. الكل لازم ينتخب