Tuesday, March 23, 2010

طعم الكريم كراميل



كل من في البيت يعلم انني أعشق شيئ اسمه الكريم كراميل، لا تقولوا أرز باللبن أو مهلبية أو قطعة جاتوه أو تورته الفواكه أو حتى التشيز كيك، الكريم كراميله كان في نظري له طعم خاص رغم بساطته وقلة تكلفته.

من حوالي عشر أعوام أو أكثر، كان الكريم كراميل أول شيئ تعلمته في عالم الطبيخ ، وكانت "نانا" أول من شجعتني قالت لي المثل الصيني "علمني أن أصطاد خير من أن تعطيني سمكه"، صحيح أنها علمتني ولكنها كانت تصنع طبقا لذيذا لا يقارن بأى طبق ممكن أن اعمله حتى ولو كان تحت اشراف أمي.

كانت " نانا" تنتظرني في البلكونة التى تقع في الطابق الاول وفي خلفيتها حديقتنا حيث تظهر شجرة المانجو ، تناديني اذا لم أزورها في هذا اليوم وهي تبتسم ابتسامة ذات مغزى " تعالي صنعت لك الطبق المخصوص"، وعندما تنشغل بالخياطة ترسل لي خبرا عبر والدي "أن انزلي فورا فالطبق ينتظرك في الثلاجة".

من الغريب أنني كنت الوحيدة التى أحب هذا الطبق ، ولكن مع مرور الوقت أصبح الطبق الذى ترسله لي يتناقص منه ملعقة أو ملعقتين في البداية نهاية بأكله كله من أخواتي وياويله من أكله.



السكر المحروق أكثر ما يعطي الكريم كراميل طعمه المميز حيث يتم صنعه وضعه أول شيئ في طبق المخصوص لصناعة الكريم كراميله قبل سكب كافة مكوناته من بيض ولبن وفانيليا، الان بعد أن توفيت "نانا" أمس وبعد صراع طويل من أمراض الشيخوخة لم أعد اتذوقه ولم يعد لي نفس الشهيه لاكله، الآن كل ما تبقى من طعم الكريم كراميل في حلقي هو مذاق السكر المحروق.

الذى يجعل "نانا" جدتي من والدي مختلفة عن جدتي من والدتي "ماما توته" رحمهما الله أن الاولي كانت تسكن في نفس الفيلا معنا وكانت بتربي أكثر ما تدلل لذلك كنا نتضايق منها ونحن صغار، لم نكن نشتاق لها لاننا تقريبا كنا نراها كل يوم – رغم كبر سنها كانت بتطبخ وتطلب منا أن نأكل عندها- والحقيقة أننا بعد كبرنا أدركنا نحن أننا كنا أشقياء جدا.

كنا نلعب كرة السلة على أحد جدران منزلها المؤدى الى الحديقة، نصدر ضوضاء بسبب لعبة عسكر وحرامية أو كهربا، نصدر الصيحات أثناء تمرينات لعبة الكاراتيه في العصرية حيث موعد مجيئ الكابتن لتدريبنا رغم أن هذا موعد نومها، نبهدل الحديقة ونقطع الزهور، حتى الزرع المسكين كان يتنحل بسبب كثرة لعبنا بالدراجات.

كنا نأكل الجوافة ونهز أشجار المانجو والتوت فنأكل ثمارها بعد يوم مجهد من اللعب، وكان أكثر شيئ يعفرتها مننا هو منظر الطين الذي يلوث وجوهننا وأيدينا وعندها كانت تصرخ بصوتها الرفيع " باااااااس كفااااااية أنت وهوا كله يطلع فوق".

أحمد الله أني كنت بجانب "نانا" هذا اليوم سبحانه من وفقني أن أقف بجانبها وأساعد في تغسيلها وأرى ابتسامتها قبل أن نضع عليه الكفن الابيض وأخرج من عندها الى الحديقة التى طالما ملئتها بصخبي لارى ثلاث أزهار وردية اللون فاتنفس عبيرهما لاجده مختلط برائحة الورد البلدي المنعشة مع رائحة نانا المميزة رائحة المسك والكافور.

Sunday, March 14, 2010

فقراء النيل

هل تعلمون أن هناك مئات من الصيادين الفقراء الذين يتخذون النيل سكنا وعملا ؟ هل تدركون أنهم لا ينامون مثلما ننام على سرائر؟ ، إنما ينامون هم وعائلاتهم على أمواج غير مستقرة تهتز في جنون كلما اقترب مركب سريع أو باخرة سياحية كبيرة، ماذا لو علمتم أن ظروفهم غير مستقرة وأن المرض زائر يخافون منه كما أن الحرائق ضيف ثقيل على قلوبهم؟، هل كنتم ستلبون دعوة " دليل الخير " وتقتطعون جزء من وقتكم لمساعدتهم ؟



هذا ما فعله أمس تسعة شباب، تحديدا خمس بنات وشابين وطفلين أضفوا بعض المرح والندى على سخونة الجو بعد ان استجابوا للدعوة "النيلية" التي أطلقها الشاب النشط أحمد على المشرف على جروب دليل الخير على موقع الفيس بوك.



كان الهدف من الدعوة توزيع "شنط" بها مواد غذائية على فقراء الصيادين الذين يعيشون في النيل، واستطعنا جمع تبرعات كبيرة جدا لشراء خمسين "شنطة" كل " شنطة" ممتلئة عن آخرها بالأرز والسكر الزيت والسمن ، في رأيي كان هذا انجازا رائعا أن يستطيع عدد قليل من الشباب أن يجمع نحو ثلاث آلاف جنية دون الاعتماد على مجهود أي جمعية.



ركبت التاكسي أمس من أمام جامعة القاهرة عقب حضور احتفالية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بمرور 50 عاما على إنشائها، أرسلت الخبر عبر الميل، ثم توجهت مسرعة إلى نادي النيل حيث كانت المركب تنتظر، وصلت الساعة الواحدة والنصف متأخرة ربع ساعة عن الموعد المحدد كان أحمد والشباب القليل المتطوع قد نقلوا جميع الشنط إلى المركب ، وقد بدا أحمد غارقا في عرقه وينهج وابتسم وقال " خلاص نقلنا الشنط ".



نجحنا أمس من الساعة الواحدة والنصف حتى الرابعة والنصف والشمس في كبد السماء في توزيع "الشنط" الثقيلة على "فقراء النيل" متجولين بين صفحاته نشاهد ورد النيل الطافي والبط الصغير ذو الريش الأصفر والأسود العائم ، والجزر الرائعة مثل "بين البحرين" و"القرصاية" نتمتع بنسمات النيل العليلة التي داعبت وجوهنا بخفة لا مثيل لها.



معظمنا كان لديه أشغاله وأعماله التي يحتم عليه أن ينجزها، البعض استطاع أن يستأذن من عمله رسميا أو في "الخباثة" مثلما فعلت ، المهم أن رغبتنا كانت واحده هي كيف نقود عمل جماعي منظم يرضى خالقنا ويفيد مجتمعنا في نفس الوقت.



ومثلما وفقنا الله سبحانه وتعالي في أن نشارك الهم مع عائلات الصيادين فقد كانت فرصة رائعة للتعارف على شباب همه الأول إعادة اكتشاف مصر التي لا يتكلم عنها أحد،عن سيدات جدعان جدا رغم فقرهم يساندون أزواجهن في عملية الصيد وبيع السمك في أسواق المنيب والجيزة وشراء مستلزمات مسكنهن أو إذا شأت مركبهن الصغير، عن مسجد وكنيسة يتعايشن بجانب بعض دون احتقان، عن أطفال يستحمون في النيل يلعبون بالأسماك قبل طهيها يجرون في المزارع الواسعة يركبون الحمار في رشاقة وصوت ضحكاتهم تتردد خلفهم دون انقطاع ، عن مساكن وفيلات لرجال أعمال تقبع على جزر نيلية تمثل اعتداء صارخا على جسد النيل.



الرحلة انتهت ولكن حديثي مع الشباب المتطوع علمني كيف أن دورهم في خدمة مجتمعهم ومساعدة أهالي وطنهم بدأت من باب الجامعة، حيث بدئوا رحلة تطوعهم، لا تحزنوا لأنكم لم تكونوا في الرحلة النيلية ، فالجميع يمكن أن يلبي دعوات مماثلة لـ " دليل الخير" فهناك أعمال آخري تحتاجكم الدعوة مفتوحة للجميع والشباب المتطوع ينتظركم.











Thursday, March 11, 2010

في قلبي في حلمي




رحت وتركتيني يا نور عنييا يا أنس ليلي من سواك يحرسنى بهذه الكلمات ادندن مقطع من أغنية سامي يوسف وهنا اتذكر جدتي الله يرحمها ويرحم جميع اموات المسلمين ، أول مرة أشعر بانني افتقد حد بهذه القوة، يأتي عيد الأم وافتقدها لدرجة أنني أريد أن أحضنها الآن أقبلها الآن أذهب عند بيتها الآن سأطرق الأبوب حتى لو لم تفتح سأنتظرها وأعلم أنها ستفتح بابها لأنها لم تغلقه يوما في وجهي، دائما كانت هناك تستقبلني عند الباب بابتسامه واسعة وحضن كبير ، روحي تسري إليك الآن أرى طيفك الأن اتتبع حركاتك قبل سكناتك،يا من علمتيني معني كلمة وحشتيني يا قطعة من قلبي ، تأكدى أني سأظل أحبك، سأستمر على ما وعدتك به واكرر كلمه قلتها في اذنيك قبل الرحيل" رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وان محمد عبده ورسوله"أعلم انك شعرتي بي رغم ان عينيك كنت مغلقتين على فراش الموت، وأعلم أنك تشعرين بى وأنت فوق الثرى، فعينيك المغلقتان لا تعني ابدا انك بعيدة بل انت قريبة جدا إلى قلبي




في حلمى أن أرى أساتذة الجامعات في أحسن وضع ،اليوم أعلن بعض أساتذة الجامعات عن تنظيم إضراب محدود في 23 مارس الجاري، كنت فاكره أنه موقف جماعي عقب اجتماعهم في نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الازهر ولكنه كالعادة اتفقوا على ألا يتفقوا فبعد صدور البيان ذكر رئيس النادي أنه لن يشارك في الإضراب لعل الوزير يقول كلمة حق يوم الثلاثاء القادم، اعتقد انه لن يقول كلمة جديدة ، لكن من رأيي عيب جدا ما تعمله الحكومة حاليا، عيب أن نرى أساتذتنا يقفون على السلالم يقولون عايزين فلوس أنا مقدره موقفهم ومش مقدره موقف الحكومة أصل مصر مش فقيرة وكفاية بقى الحديث اللى بتروجه الدولة بان على الشعب ان يفاضل بين دعم البنزين ودعم التعليم على الحكومة أن تفاضل في رأيي بين الانتحار او القضاء على الفساد




في قلبي أن نكون قارة ذات شأن ،كانت تجربة مثيرة أن أحضر مؤتمر وزراء الأفارقة للعلوم والتكنولجيا الذى كان تحت رعاية رئيس الجمهورية،أفريقيا المنسية تعان مثلما نعاني، أفريقيا مثلنا تنفق على البحث العلمي أقل من 1% من اجمالي الدخل القومي،كانت مصر ترأس المؤتمر ولكن حالها لم يكن أفضل كلنا في الهم سوى، اكثر حاجه ضحكتني ان الاجتماع ده كان بتمويل أوروبي وياباني ولولاهم ما كان في مؤتمر أصلا،والله لو حطينا همنا على همهم حنكون أهم قارة في العالم، أصل الفقر مش عيب العيب هو أننا نغيب العقل ونترك الثروات للأجانب ينتفعوا بها ونحن قاعدين أيدينا على خدودنا




ليس ما في القلب هو ما في الحلم،مريت بتجربة سيئة الأسبوع الماضى تسببت في أن يتحدث القلب بأشياء ما كنت أظن أنني بالفعل سأتحدث بها، كنت أعتقد ان مبادئي راسخة على المضى قدما في عملي تحت كل الظروف والضغوط لأنني أريد أن أحقق شيئا لهذا البلد، أريد نهضة و تقدم أشعر اني مكلفة برسالة والصحافة ليست مهنة سهلة ، تحدث الحلم بانني زهقت وتعبت مع أقل صدمة، فحزنت أني لست قوية بما فيه الكفاية الحمد لله انني تماسكت بدليل ،هل قرأتم اسمى اليوم بجريدة الشروق؟،






Friday, March 5, 2010

تحت المطر


حذرت نشرة الاخبار الصباحية المواطنبن عدم النزول الى الشوارع بسبب الرياح و الامطار الشديدة فضلا عن البرد القارص ، ففضلت يمنى وصفاء ومادلين المكوث في الفندق، ولكنني تظاهرت انني لم أسمع شيئا ,وأشعلت فتيل روح العناد لدي و نزلت محكمة زراير الجاكت وفتحت الشمسية وتوكلت على الله



الجو كان برررررد ، في لحظة لم أعد أشعر بأنفى أما صوابع يدى فتجمدت في جيبي واليد الثانية كان حالها أسوء حيث كانت تمسك الشمسية ، ومع هذا فقد كانت تجربة مثيرة شعرت لوهلة بالجنون ولولا اصرارى على أن ابدو وقورة لصرخت بصوت عااااالي ووووو



لم أكن وحدى تحت المطر كنت مع الله فمع كل خطوة أخطوها كنت أسبح بحمد الله الذى وفقنى أن أذهب الى لندن كمكافأة لموضوع قمت به في جريدة الشروق عن قدامى مرضى الجذام في مصر اسمه الحب فوق عزبة الصفيح، الرحلة نظمها معهد التنوع الاعلامي -كل الشكر لماليسا وفريد ودعاء- عن الصحافة الاندماجية وتعني بالاشخاص المحرومون من التغطية الاعلامية ، كالفقراء أو المرضى مثلا ، تمكنت عبر الرحلة مع أربع صحفيات مصريات و25 صحفي مغربي أن نزور جريدة الجارديان والابزورفر وقناة البي بي سي والقناة الرابعة فكانت تجربة مثيرة، وكنت سعيدة انني أخيرا تمكنت من زيارة لندن للمرة الثانية واستمتعت بجوها وببعض معالمها الرائعة



المطر لم يتوقف  طوال السبع أيام وأربع ليالي  التى قضيتها في لندن ، من المثير أن ترى أن المطر قد غسل كل شيئ حولك المباني والارض والشجر والطيور والنفوس أيضا، كل الاشخاص الذين قابلتهم هناك كانوا يبتسمون حتى عامل القمامة عندما مررت من جانبه ابتسم وقال لي صباح الخير



مع قمة اثارتي بالجو الممطر في طريقى الى الهايد بارك فتحت فمي خلسة لكي اسمح لقطرات الماء أن تدخل فمي دون أن يلاحظ أحد فشعرت بها تذوب في جسمي تذوقت طعمها، فوجدته مملح مثل دموع البشر،



طعم الدموع كان آخر ذكرى لي بلندن وقد تذكرت هذا الطعم عند عودتي الى القاهرة بلدى الحبيب برؤية أهلي وبيتي وسريرى، لارجع الى متاعب العمل، كانت رحلة رائعة مليئة بالدروس الكثيرة اعتقد أن أهمها الثقة في الله وحسن الظن به، يارب حسن ظنى بك دوما





.