Saturday, July 13, 2013

نويت الاعتكاف في حضن الميدان






رغم صمت ساعة جامعة القاهرة ، فإن عقارب الساعة في أيدي معتصمي ميدان النهضة يشير إلى الساعة السادسة والنصف، الكل يترقب موعد الإفطار لإطلاق الدعوات، سيدات وأطفال ورجال يفترشون الأرض  والحصر والأرصفة أمام المسلة بأعداد هائلة تصل لعشرات الالاف، فتيات وشباب يوزعون التمر، لكن لم تكن هناك مائدة افطار، أو رائحة طعام، قبل دقائق قليلة من سماع صوت آذان المغرب يتردد صوت على المنصة الوحيدة "سنوزع الطعام وأنتم في أماكنكم ..رجاء لا نريد تبرعات أخرى من التمر لدينا الكثير".

تدق الساعة السابعة والمعتصمين رافعين أكفهم بالدعاء أن يحفظ الله مصر ويوحد قلوبنا ويغفر ذنبنا ويدخلنا فسيح جناته، آذان المغرب يشق السماء، الكل يكسر صيامه ، ليلي إحدى الصائمات التى تسكن بالقرب الجامعة تنسى ظمأها فتقوم وتوزع مشروب تمر هندي أعدته خصيصا للصائمين، وفي نفس اللحظة تبادر هدي سيدة منتقبة بعمل سندوتشات كبدة اسكندراني وتوزيعها على السيدات القريبة منها كان حظي سعيدا أني أجلس بالقرب منها فكانت أجمل كبدة اسكندراني أكلتها في حياتي رغم أنها كانت حارة جدا.
 لحظات ويمر شباب معهم خبز به أرز ولحمة ساخن، وبالقرب من المسلة ساهم الأطفال في ملء زجاجات المياه من الحمامات القريبة من حديقة الأورمان -أحدهم أعطى لي عبوة عصير جوافة- وتوزيعها على الصائمين، يأكل الجميع ومع ذلك تتبقى مكرونة وكبدة، تستعجب هدي قائلا " فعلا أكلة هنية تكفي مائة وألف وعشر الألاف". 


قبل هذا التوقيت بنحو 6 ساعات تحديدا الساعة الواحدة عقب صلاة الجمعة خرج الصائمون المؤيدون للشرعية يطالبون بعودة الرئيس محمد مرسي في مسيرات من مسجد الاستقامة، ولم يكن المتظاهرون يحملون سوى سجادة الصلاة ومصحف وعلم مصر، رفع أحدهم المصحف قائلا "هذا هو سلاحنا في مواجهة من يرفضون الشرعية".
  الكثير من الأسر توافدوا إلى الميدان على دفعات، عربات الميكروباص ساهمت في زيادة أعداد المتظاهرين الذين أتوا من أماكن مختلفة وتجمعوا على أرض الميدان الذي تزين بزينة رمضان وبالونات حمراء وصفراء.

واستمر المتظاهرون في التوافد الساعة الثانية ظهرا رغم حر الشمس، لكن المعتصمين استقبلوا المتظاهرين برش المياه على الوجوه، وانطلقت الصيحات على المنصة "أهلا بالثوار"، شباب وأطفال يشاركون في اطفاء حر الشمس برش المياه من زجاجات مياه تم خرم غطائها لترش المياه برفق على وجوه المتظاهرين.


 لافتات "نويت الأعتكاف في الميدان"، "نحن قوم أعزنا الله بالاسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"، "نعم للشرعية"، تملء الميدان ، وعكف مجموعة من المتظاهرين على تعليق لافتة مكتوب عليها " الشهيد حسن مأمون حنيش" الذى توفي بتاريخ 5 يوليو إثر طلق ناري حي في الرأس أثناء مشاركته في مظاهرة ماسبيرو، وفقا لرواية ابن عمه سيد طه، الذي روى عنه أنه طالب في السنة الرابعة في كلية دار العلوم، وأنه أراد توصيل صوت مؤيدي مرسي للناس، وسلاحه كان الدعاء فقتله البلطجية على كوبري 6 أكتوبر.


الساعة تدق الثالثة والنصف إلا دقيقتين ، مجموعة من السيدات يتحركن من أماكنهن لتفادي أشعة الشمس الحارقة، ثم يجلسن في ظل المسلة ويستمرون في قراءة القرآن، وصوت آذان العصر يقطع تلاوتهم ويصطفون في صفوف ويصلون خلف الامام في خشوع،  الشمس تنكسر قليلا الساعة الرابعة والنصف فيزيد عدد المتظاهرين الصائمين، طفل يبلغ من العمر 11 عاما بجانب والدته يقول لها "أنا عطشان قوي يا ماما أنا مش قادر أكمل صيامي"، فتصبره إحدى المعتصمات "معلش أصبر شوية خلاص هانت"، فيمر أحد الشباب يحمل جهاز لرش المياه فيغمر وجه الطفل بالمياه ويغمر وجوه المعتصمات الذين يضحكن بصوت عال، واحدة تحتضن المصحف بقوة تقول "حاسب المصحف حيدبل".

الساعة الخامسة الطفل يكرر طلبه مرة أخرى "أنا عطشان عطشان" فتتعاطف معه المعتصمات وتقنع أحدهم والدته فتعطيه  زجاجه مياه فيروي عشطة سعيدا.


 تستمر النساء أمام المسلة في تلاوة القرآن، وحينما تدق الساعة السادسة تنقل المنصة خبرا يقول "صورة مرسي اترفعت في القدس عشرات المتظاهرين رفعوها تأييدا له"، فتردد السيدات "الحمد لله والله أكبر"، وتلتفت سيدة منتقبة تسمى زينب تتحدث إلى سيدة آخرى ورائها بعد أن تطمئن بعينيها إلى مكان أولادها الثلاثة الذين أتوا معها تقول "أنا جاية من طنطا بنية نصرة مظلوم، مش معقول أننا نقبل أن يتم غلق القنوات الدينية ويقبضوا على الشيوخ وكل من يربي لحيته، يعني أنا بمشى في الشارع دلوقت خايفة لمجرد أني منتقبة"، وتتابع "هما عايزينها حرب على الاسلام بعد ما قتلوا الناس في صلاة الفجر وبيتهمونا إننا معانا أسلحة،  وإحنا مش حنسمح بدا أبدا حتى ولو على جثثنا"، فترد آخرى "هو في أقوى من سلاح القرآن".


يبدو المشهد من الخارج كئيبا وقت مغادري لمكان الاعتصام الساعة التاسعة والنصف اسلاك شائكة نصبها الجيش وأفراد من الشرطة ودبابات ومدرعات على الجانبين تغلق بعض الشوارع المؤدية إلى ميدان النهضة، أما من الداخل فقد شهدت ليلة من أروع الليالي الرمضانية التى لن أنساها أجواء احتفالية وروحانيات وأشخاص بسيطة قلوبها شفافة بيضاء تعتصم في سلمية، أقسم  بالله والله على قسمي شهيد هؤلاء المعتصمين لا يمكن أن يكونوا ارهابيين ، وإن من يمارسه هو الاعلام ولا أسعني إلا أن أردد مقولتهم "اصرخي يا لميس مرسي هو الرئيس".

1 comments:

الازهرى said...

هم ليسوا إرهابيين

وتلك الطامة الكبرى التى لم ينتبهوا لها