Thursday, January 13, 2011

هناك بجانب هنا




أين روجيه؟ قالتها بلوعة ، وهي تسأل أحد أفراد الأمن الذين يرتدون زيا مدنيا، كانت ترتجف، ولكن ملامحها ظلت قوية ، ركزت بصرها عليه في لهفة ، محدقة في عيناه تارة وفي فمه تارة أخرى ، تنتظر الجواب، فرد عليها: أخذنا الكاميرا منه، وهو في مشوار "هناك" مع المتظاهرين ،فقالت :وأين أجد هناك؟، فرد أحدهما بسخرية:" هناك" بجانب هنا ...تراجعت إلى الوراء قليلة ، وهي تحاول معاودة الاتصال به للمرة الخامسة، فلم تجد سوى رسالة الكترونية جافة، تشير إلى أن تليفونه المحمول ربما يكون مغلقا، عاودت الاتصال بأحد المسئولين في جريدتها لتبلغهم في حزن عن فقد روجيه مع المتظاهرين أمام نقابة المحامين في رمسيس...تحركت باتجاه نقابة الصحفيين، جلست على سلمها، وفي عينيها بكاء لم ينهمر، وبريق لا ينطفئ، ولسان حالها يردد :تونس أيضا هناك وهي بجانب هنا.



تردد قليلا قبل أن يتصل بها، وكيف يفعل؟، وقد انقطعت الاتصالات بينهما منذ التسعينات، أمسك بتليفونه المحمول، وأخذ يطيل النظر إلى ورقة أمامه يوجد بها رقم وا...اسمها ، لم يكن يصدق أن الصدفة وحدها ستجعله يعثر على رقمها، شعر بحرارة غريبة تسرى في جسمه مع كتابة الرقم الأول، فالثاني طيف من الذكريات عن أماكن جمعتهما معا ، الثالث رائحة عطرها ينفذ إلى قلبه، الرابع مئات من الصور تحكي عن تلامس يدين لم تفترقا، الخامس فالسادس فالسابع فالثامن.. يده ترتعش مع صوت الاتصال، دقات قلبه تتصاعد من كل أنحاء جسده، يهم بغلق السماعة، لكن لهفة الحب تبقيه، فجأة يسمع صوتها، يتلعثم..يخبرها باسمه... فتقول في صرخة مكتومة:وحشتني يا أخي، ثم تنخرط في بكاء حار.



1 comments:

nada elkholy said...

أنا تلك التي بحثت عن روجيه هناك، فلم تجده، ولم تعرف حتى الآن كم تبلغ المسافة بين هنا وهناك.
ولكني أحلم بيوم يجتمع فيه كل من هم هنالك وهنا وهناك، لنرسم أبعاداً لحدودنا في هذا الوطن، حتى لا يذهب روجيه هناك، وأبقى وحدي هنا!.