Wednesday, July 16, 2008

أوائل الثانوية ... الفقير يرفع إيده




رغم أننا اعتدنا طوال سنوات عمرنا على سماع الزغاريد ورؤية دموع الفرح تتساقط من أعين أوائل الثانوية العامة، إلا أن هذا العام جاء مختلفاً كثيراً.جو الفقر والمرض الذي أصبح يحيط بالشعب المصري من كل الاتجاهات كان هو العامل المؤثر في عدم اكتمال فرحة الطلاب الأوائل، فقد ذابت دموع الفرح وسط أنهار من دموع الحزن، مما أضفى جواً من الكآبة لم نعتادها من قبل في موسم نتيجة الثانوية العامة كل عام، ولهذا يمكننا الآن أن نردد أغنية "الفقير يرفع إيده.. هييه".
فقد أبكتنا الطالبة "هبة" الأولى على قسم (علمي علوم) وهي تخبئ دمعة سريعة سقطت من عينيها حزنا على حال والدها الذي يرقد في العناية المركزة، فهي لم تستطع سماع كلمة تهنئة من والدها بعد أن دخل في غيبوبة كبدية، فأسرتها لا تقدر على توفير الأموال اللازمة لسفره إلى الخارج وتحمل تكاليف زراعة كبد، مع أن أسرة "هبة" من الطبقة المتوسطة ووالدها يعمل استشاري بوزارة الصحة منذ أكثر من 15 عاما.كما جعلنا الطالب "أحمد" الأول على الثانوية الخاصة بقسم المكفوفين أن نتجرع الألم مرة بعد مرة بسبب ظروفه الصعبة ليس لأنه من المكفوفين، ولكن لأنه فقد بصره بسبب جرعة زائدة من المخدر الطبي أثناء إجراء صغيرة أجراها مما تسبب في إصابته بالعجز، ولكن لأن والدته العائل الوحيد له عانت كثيرا معه ولم تبخل عليه بالحنان والدعم، رغم أن مصدر دخلها لا يتعدى الـ150 جنيه فشعر بالإحراج وهي تقص لنا معاناتها فبكى كأن عينيه تؤازرانه في محنته رغم ما بها من ضعف. أما الست وهيبة والدة "أحمد" فهي بحق مثال للأم المصرية المثالية، فهي فلاحة لا تقرأ ولا تكتب ولكنها شقت بأظافرها صخور الحياة ظهرت على ملامح وجهها - رغم صغر سنها - علامات تقدم السن كأن الدهر أبى أن تخرج من تحت يديه دون أن يترك عليها بصمته.المدقق لمظاهر الفرح التي يحاول الشعب المصري أن يسرقها عنوة من بين مخالب حكومته الحالية، ستجد أنها قصيرة، سرعان ما سيتمكن كثيرون من انتزاعها من قلوب السعداء


مقال نشر في موقع عشرينات - ولاد البلد.

0 comments: